الحب أعـمـى .. أســطـورة يـونانـيـة
في قديم الزمان .. حيث لم يكن على الأرض بشر بعد ..
كانت الفضائل والرذائل تطوف العالم مع بعضها البعض، وتشعر بالملل الشديد
وذات يوم ... لحل مشكلة الملل المستعصية
اقترح الإبداع لعبة .. وأسماها الاستغماية أو الطميمة ..
أحب الجميع الفكرة ..
وصرخ الجنون : أريد أن أبدأ .. أريد أن أبدأ ..
أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العدّ ..
وأنتم عليكم الاختفاء مباشرة، ثم اتكأ بمرفقيه على شجرة ..
وبدأ .. واحد .. اثنين .. ثلاثة ..
وبدأت الفضائل والرذائل بالاختباء ..
وجدت الرقة مكاناً لنفسها فوق القمر ..
وأخفت الخيانة نفسها في كومة زبالة ..
وذهب الولع فاختبأ بين الغيوم ..
ومضى الشوق إلى باطن الأرض ..
أمّا الكذب فقال بصوت عالٍ : سأخفي نفسي تحت الحجارة ..
ثم توجه لقعر البحيرة ..
واستمر الجنون : تسعة وسبعون .. ثمانون .. واحد وثمانون
في تلك الأثناء أتمّت كل الفضائل والرذائل تخفيها ..
ما عدا الحب كعادته ،،، لم يكن صاحب قرار ..
وبالتالي لم يقرر أين يختفي ...
وهذا غير مفاجئ لأحد، فنحن نعلم كم هو صعب إخفاء الحبّ
تابع الجنون : خمسة وتسعون .. سبعة وتسعون ..
وعندما وصل في تعداده إلى المئة ..
قفز الحبّ وسط أجمة من الورد .. واختفى بداخلها
فتح الجنون عينيه .. وبدأ البحث صائحاً : أنا آت إليكم .. أنا آت إليكم
كان الكسل أول من انكشف .. لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه ..
ثم ظهرت الرقّة المختفية في القمر ..
وبعدها .. خرج الكذب من قاع البحيرة مقطوع النفس !!
وأشار إلى الشوق أن يرجع من باطن الأرض ..
وجدهم الجنون جميعاً .. واحداً تلو الآخر .. ما عدا الحبّ
كاد يُصاب بالأحباط واليأس ..
إلى أن اقترب منه الحسد وهمس في أذنه : الحب مختف في شجيرة الورد ..
التقط الجنون شوكة خشبية أشبه بالرّمح ..
وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش ،، ليخرج منها الحبّ
ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب ..
فظهر الحبّ وهو يحجب عينيه بيديه .. والدم يقطر من بين أصابعه
صاح الجنون نادماً : يا إلهي ماذا فعلت ؟
وماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر ؟
أجابه الحبّ : لن تستطيع إعادة النظر إليّ ،،
لكن لا زال هناك ما تستطيع فعله لأجلي .. كنْ دليلي ..
وهذا ما حصل ومن يومها ..
يمضي الحب الأعمى .. يقوده الجنون .
شبكة الويب ( Web )