لا جميل ولا مناع ولا حكومة انتقالية ..!!
يتساءل البعض : لماذا نطرح مثل هكذا سؤال :
هل تظن أن هناك حكومة انتقالية سيرأسها جميل أو مناع ؟
هل المسألة تكون بالترويج لشخصيات معارضة ؟ أم يجب أن نغيِّب ذكرهم عن إعلامنا ومواقعنا، وهم موجودون على الأرض يقومون بدورهم المطلوب منهم ؟؟ ....
بتنا في زمن لا ينفع فيه تغييب الوقائع، ولا الاختباء وراء الأصابع، بل يجب العمل على تعرية المشكلات والقضايا السلبية حتى تتضح للناس جميعاً، فلا يقعون في مطب ظاهرها المغري. وكمثال على ذلك نجد أن المجتمع - وتحت مسمى الوحدة الوطنية كما يظن ويعتقد البعض - ذهب لتغييب الحديث والذكر والفضح لجماعة الإخوان المسلمين بعد انتهاء حقبة الثمانينيات، فبقيت تعاليم وصفات هذه الجماعة غامضة عن الناس إلى أن برزت مع بداية الأزمة الحالية بشكل قوي ومخادع، لدرجة أننا وجدنا حتى اليوم نسبة كبرى من شبابنا لا تعلم شيئاً عن حقيقة وفجور هذه الجماعة، ولا عن حقيقة وكفر الوهابية الصهيونية.
ولست في هذا المقال بوارد الحديث عن أصول الوهابية والإخونجية فقد سبق لي أن تناولتهم في مقالات سابقة، لكن الهدف من ذكر المثال إيضاح ضرورة تسمية الأمور بمسمياتها، وتوعية الناس بدل تغييبهم عن الواقع المعاش.
منذ أيام ومع غياب قدري جميل عن سورية ثم إقالته وظهوره على شاشة الجزيرة بدأ الكثير من شبابنا يحللون ويفبركون ويتبنون وينشرون قصة مفادها اتفاق سري بين جميل والقيادة في سورية على أن يمثل المعارضة في جنيف 2 ليعود رئيساً للحكومة الانتقالية، فهل يرى هؤلاء المحللون قيادتنا ساذجة إلى هذا الحد لتسريب الاتفاقات السرية إلى صفحات الفيسبوك ؟؟؟
وذهب البعض الآخر منذ فترة ليروج للمدعو هيثم مناع المعارض الذي لم يقصر منذ بداية الأزمة بالطعن بالقيادة السورية والتطاول على الرئيس الأسد رمز هذا الوطن، ليعود ويحسب خط رجعته عندما وجد الأمور لا تسير على الطريق الذي رسمته المؤامرة، فشرع يغازل الدولة السورية ويقف في صفوف الوسطيين مدعياً النزاهة والشرف والإخلاص لسورية !!
وهنـا يكمـن الـســـؤال : مَن المستفيد من الترويج لقدري جميل أو هيثم مناع أو غيرهما من المعارضة ؟ وما هي الغاية من ذلك ؟
بكل بساطة واختصار : المستفيدون هم من يحركون أصابع المؤامرة ضد سورية قيادة وجيشاً وشعباً، فقدري رجل أعمال معروف بولائه لثروته الطائلة بعيداً عن أفكار حزبه الشيوعي، والذي يفرض إيمانه المزعوم فيه أن يكون شيوعياً لا برجوازياً، وما يروج من فكرة أن قدري مدعوم من روسيا، وأنها طالبت بوجوده في الحكومة ضاغطة على الرئيس الأسد كلام هراء، لأن لقدري - وفق حزبه - حظوة عند الاتحاد السوفييتي المنهار، لا عند روسيا بوتين. من جهة أخرى فإن هذه الفكرة تندرج في مسار الإساءة لشخص القائد الأسد بتصويره تابعاً لروسيا، يعمل بإمرتها وكيفما تريد لتتحكم بالشؤون الداخلية لسورية، على شاكلة لبنان عندما يؤلف حكوماته بناء على الأوامر الخارجية !!
أما هيثم مناع والمعروف تاريخه وأسباب هروبه من سورية ومن درعا تحديداً، لم ينطق منذ بداية الأزمة بلسان السوريين، ففنادق أوروبا تجعل الهوة كبيرة بينه وبين معاناة الشعب الذي يتعرض يومياً لإجرام العصابات المسلحة.
إذن لا قدري جميل يمثل مصالح السوريين، ولا هيثم مناع، ولا حسن عبد العظيم، ولا علي حيدر، ولا ائتلاف الدوحة، ولا أي فصيل يطبِّل ويزمِّر معارضاً في الداخل أو في الخارج، فكلهم تابعون لأجندات لها مصالحها الخاصة وبعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب في سورية، وهذا ما أثبتته الوقائع على الأرض، وعلى رأي المثل القائل : “ اللي بيجرب مجرَّب بيكون عقلو مخرَّب ”، فإن قدري جميل فشل في إدارة وزارته عندما كان في الحكومة، وجعلها تمارس الإرهاب الاقتصادي في البلاد، فكيف إذا أصبح رئيساً للحكومة ؟؟؟
بلى لقد ساهمت إدارة جميل - الشيوعية حسب زعمه - بتجويع الشعب، وزادت من نسبة الفقر، ووسَّعت الهوة بين الأغنياء والفقراء، فكان مشروعه الاقتصادي في الحقيقة استمراراً لمشروع سابقيه، ولو أن شعاراته بالتوجه شرقاً ورفع مستوى المعيشة كانت رنانة، إلا أنها بقيت مجرد صدى لكلام لا أكثر.
ننتقل الآن للإجابة على السؤال الثاني : ما هي الغاية من الترويج لجميل أو مناع أو غيرهما ؟
الغاية هي إظهار سورية بقيادة القائد بشار الأسد ضعيفة ومستكينة وهزيلة ومهرولة إلى عقد مؤتمر جنيف 2 مهما كانت النتائج، فلا مشكلة إن اسودَّ وجه سورية وحلفائها، إن كان المقابل تبييض وجه أمريكا وحفظ مائه !!! ...
وأقول : ما هكذا تورد الإبل أيها الشباب الواعي، فلا تنجروا وراء أفكار يروجها أصحاب المصالح، فنتائج جنيف 2 تصاغ اليوم تحت أقدام الجيش العربي السوري، والقائد بشار الأسد هو الذي يصيغ القرارات بالشكل الذي يتوافق مع مصلحة الشعب السوري وكرامته وعزته وإبائه، وبما يحقق لسورية رفعة الرأس والوفاء لدماء الشهداء ولكل التضحيات التي قدمت من قبلهم، فلا تساهموا في نشر ما يروجه المندسون وطنياً، واعرفوا قدر القائد العظيم ابن القائد العظيم بشار حافظ الأسد، الذي لم ولن نراه يقدم التنازلات أو يعلن الطاعة كما قال يوماً : ( لن يكون الرئيس بشار هو من يحني رأسه ورأس شعبه لأي كان، فنحن لا ننحني إلا لله سبحانه وتعالى ).
بقلم الدكتور : أحمد أديب أحمد
المركز السوري المقاوم للدراسات والتأهيل