انتخـاب الرئـيـس ... انتخـاب نـهــجٍ ... ووطــن
بقلم : الدكتور منيف حميدوش
الدكتور بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية 2014، رئيس الجمهورية العربية السورية من 2000 ــ 2014 ، وابن الزعيم الراحل حافظ الأسد، ابن الإرث الحضاري، والفكري، والثقافي، والسياسي، والنضالي.
يخوض الرئيس، هذه المرة، انتخابات تنافسية حرة، وستقرر صناديق الاقتراع، لأول مرة في تاريخ سورية الحديث ــ فلا حزب البعث العربي الاشتراكي، ولا مجلس الشعب، ولا الاستفتاء ــ رئاسة الجمهورية العربية السورية وشرعيته بعيداً عن كلِّ جوقة الحرب العربية والدولية، وبعيداً عن كلِّ الضغوط الدولية التي مارستها دول الشرّ تجاه سورية الدولة، والوطن، والنهج، النهج الذي سارت علية سورية منذ قيام الحركة التصحيحية التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد عام 1970.
الدكتور بشار الأسد بعيداً عن كل أسماء المرشحين لقيادة سورية، وبغض النظر عن برامجهم الانتخابية، وسيرهم الذاتية، هو رجل الدولة، وعنوان وطن، وحامل المسؤولية الوطنية، والتاريخية، رجل الصمود في مواجهة الإرهاب، الرئيس التوافقي، الشعبي، ضامن استقرار البلاد، وحامي حدوده من الاعتداء الخارجي، وضامن الجلاء الثاني من رجس الإرهابيين التكفيريين الوهابيين، ومرشح الاستقلال والاستقرار ومكافحة الإرهاب وإعادة البناء.
تواجه سوريا في المرحلة القادمة، وخاصة بعد انتهاء العمليات الجراحية العسكرية الناجحة، لتخليص الوطن من براثن الإرهاب مهمات عاجلة منها : مكافحة الإرهاب، وإعادة استيعاب وتأهيل المهجرين، وإعادة البناء، والمصالحات الوطنية، وإعادة الثقة بين أبناء سورية الوطن ... إلخ من المهمات التي يحتاجها الوطن، ولعل هذه المهمات هي من بين مقتضيات ترشيح الرئيس الأسد إلى رئاسة الجمهورية العربية السورية، إلا أن الضرورات المطروحة موضوعياً، لا تشكّل، في حدّ ذاتها، برنامجاً. فالتمسك بالاستقلال الوطني، وبالحقوق السورية الكاملة في الجولان المحتل، وبعودة لواء اسكندرون السليب إلى حضن الوطن الأم سورية، وتعزيز القوات المسلحة، ودعم المقاومة، هي جزء من هوية الدولة السورية، وليست برنامجاً؛ فالبرنامج هو خيار سياسي واقتصادي واجتماعي، يجعل الاقتراع، كما ينبغي أن يكون، اختياراً لنهج وسياسات، لا ولاء لشخص؛ فهل هناك من خيارات أخرى أمام مرشحي الرئاسة غير هذه الخيارات، لضمان استقرار الوطن، وهل بمقدور المرشحين الآخرين النهوض بهذه الخيارات.
عذراً هذا ليس من باب التشكيك بمقدرة المرشحين الآخرين، وإنما من يملك مؤهلات قيادة سورية، عليه أن يملك قدرة حمله لهذه الخيارات، وغيرها الكثير من الخيارات الصعبة.
فمن وجهة نظري إن الرئيس الأسد هو الأقدر على تحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية من بين الأسماء المرشحة، فبعد مضي ثلاث سنوات من الحرب الكونية على سورية استطاع الرئيس الأسد أن يحافظ على وحدة الوطن، وحدوده، واستطاع أن يحافظ على وحدة الجيش العربي السوري العقائدي، واستطاع أن يحافظ على النسيج الوطني، كما استطاع أن يحافظ على مقومات الدولة الوطنية العلمانية، البعيدة عن الفكر السلفي، والإخواني، والفكر المتطرف الذي حاول أن يعصف بسورية، ولولا صلابة موقف سورية ( الشعب والجيش والقائد ) لتغير وجه العالم نحو مزيد من التفتت ونحو مزيد من الأقليات والنزاعات الطائفية، لأن سورية قلب العالم، استطاع السيد الرئيس بشار الأسد أن يحافظ على هذا القلب بالرغم من الجراح التي أصابت بقية أنحاء الجسم.
وبالرغم من أن أجواء المنافسة غير متوازنة، صحيح أن الرئيس الأسد لا يزال على رأس عمله، لكنه رجلٌ يقود حرب تتعرض بلاده لها منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ولديه الكثير من المهجرين، والكثير من التدمير في مؤسسات الدولة، وبناها التحتية، والكثير من الشهداء والجرحى والمخطوفين، وبالرغم من الوضع الاجتماعي والاقتصادي التي تعيشها سورية وهي أوراق ضغط على العملية الانتخابية لصالح مرشحين آخرين، وعلى الرغم من توافر أموال بحجم ما أنفق على تدمير سورية، وتوفر مئات المحطات الإعلامية لصالح المرشحين الآخرين ــ وهم بالمناسبة وسائل إعلامية ضاغطة على ترشيح الرئيس الأسد، إضافة إلى أنها وسائل تشويه حقيقية لتاريخ سورية وقائدها، إضافة إلى المواقف العربية والدولية الضاغطة لعدم ترشيح السيد الرئيس بشار الأسد لهذه الانتخابات، إلاَّ أنَّ النهج الذي خطه السيد الرئيس لسورية وهو نهج يمتد لأكثر من أربعة عقود، هو نهج الحق والكلمة الصادقة، هو نهج الاستقرار والطمأنينة، هو نهج ثقافة التسامح والاعتدال في مواجهة ثقافة القتل وتقطيع الرؤوس، هو نهج الوطن مقابل نهج الأقليات العرقية والطائفية.
فالشعب العربي السوري بالرغم مما أصابه من قرح، شعبٌ واعٍ يعرف كيف يدير دفة السفينة باتجاه شاطئ الأمان، وهو يسلم قيادة هذه السفينة إلى ربان ماهر يستطيع أن يصل بسورية إلى هذا الشاطئ.
ومن هنا فإن كل صوت من أبناء الوطن لصالح السيد الرئيس هو صوت للوطن، وللنهج، وللأمن والاستقرار، وكل صوت في هذه الانتخابات ثمين جداً إذا كان صوتاً في صندوق اقتراع لجمهورية جديدة، وليس مجرد صوت لرئيس.
الرئيس في انتخابات 2014، هو، أيضاً، مرشح أطياف واسعة من القوميين واليساريين والتقدميين في سوريا والمشرق والعالم العربي. وهذا الترشيح الذي يتوّج ثلاث سنوات من حرب كونية جديدة، يطرح السؤال : باسم مَن يترشح السيد الرئيس بشار الأسد ؟ هل يترشّح الرئيس باسم حزب البعث، أو الجبهة الوطنية التقدمية ؟ وهل يلخّص هذان الكيانان، المدى السياسي الواسع للقوى التي تؤيد ترشيح السيد الرئيس بشار الأسد ؟
أظن أنه على البعثيين وحلفائهم من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، من دون حساسيات، التفكير بشكل موضوعي للإجابة على هذا السؤال المطروح موضوعياً.
رئيس الجمهورية الفائز في انتخابات 2014، هو عنوان وطني سوري للمصالحة والوحدة والتجديد والنهضة. وهو عنوان مشرقي لإعادة بناء هذا الفضاء الضروري للدفاع والتنمية والتقدم. وهو عنوان عربي لاستنهاض حركة التحرر الوطني.
وعنوان عالمي لأنه استطاع أن يرسم خريطة العالم السياسية، ويجعل من عالم القطب الواحد عالم غير موجود ولكلّ ذلك، ينبغي أن يكون الرئيس بشار الأسد، مرشحاً لتحالف سياسي عريض هو ما ينبغي العمل على بنائه، الآن، على أسس برامجية.