((( ~ . مـنتـدى فـانـتــازيـا . ~ )))

أهـلاً بكـ زائـرنا الكـريـم
في منتدى ((( ~ فـانـتـازيـا ~ )))

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

((( ~ . مـنتـدى فـانـتــازيـا . ~ )))

أهـلاً بكـ زائـرنا الكـريـم
في منتدى ((( ~ فـانـتـازيـا ~ )))

((( ~ . مـنتـدى فـانـتــازيـا . ~ )))

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
((( ~ . مـنتـدى فـانـتــازيـا . ~ )))

مشـاعـر في حـرووف


    الأمـــة .. بـيــن العروبـــة والإســـلام

    تصويت

    هل توافق المثل القائل " كلنا مسلمون لرب العالمين ؟

    Suzy Wakim
    Suzy Wakim
    الإدارة الـعـامـة
    الإدارة الـعـامـة


    عدد المساهمات : 2472
    نقـاط : 4876
    تاريخ التسجيل : 07/02/2010
    مكان الإقامة مكان الإقامة : دمشـق - سـورية
    العمل أو الدراسة العمل أو الدراسة : مدير شـركة المتوسط للإنتاج الفني والإعلامي
    الهوايات : الكتابة والشعر، وتصفح النت

    مقال الأمـــة .. بـيــن العروبـــة والإســـلام

    مُساهمة من طرف Suzy Wakim 26th يونيو 2014, 12:18 am


    الأمـــة ..  بـيــن العروبـــة والإســـلام 96891210

    الأمـــة .. بـيــن العروبـــة والإســـلام

    في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كنت أدرس بإحدى ثانويات الرباط، وكان أستاذاً فرنسياً يدرسنا الفلسفة وأعلام عصر الأنوار الذين مهدوا للثورة الفرنسية .. وكان من المعجبين بالفيلسوف ‘ ديكارت ’ ومنهجه القائم على الشك للوصول إلى الحقيقة، فطلب منا إعداد بحث حول منهج هذا الفيلسوف الذي حوّّل إهتمام الفلسفة من عالم ما “ وراء الطبيعة ” أو ( الميتافيزيقا ) إلى عالم “ المعرفة ”.

    وبذلك، يكون ديكارت قد وضع حداً فاصلاً بين مرحلتين في تاريخ الفكر الإنساني، الأمر الذي أحدث ثورة كبرى في الفهم والإدراك، بعد أن اكتشفوا أن الله لا يوجد ما وراء الطبيعة، لأنه هو الطبيعة نفسها، أي الوجود كله من عرشه إلى فرشه، وأن لا وجود لشيء ما وراء الطبيعة إلا غباء الإنسان كما قال ‘ أنشتاين ’.

    بعد أسبوع، قدمت ورقة أتهم فيها الفيلسوف ‘ ديكارت ’ بسرقة منهج الشك للوصول إلى الحقيقة من واضعه الأصلي الإمام ‘ حامد الغزالي ’ وتحدث عنه الإمام بتفصيل في مؤلفه ( المنقذ من الضلال )، واعتبرت أن الفرق بين المنهجين يكمن في أن نظرية ‘ ديكارت ’ فتحت على ما يمكن تسميته بالشك “ الإرتيابي ” أو الشك في الشك نفسه، من خلال الإعتماد على الإدراك العقلي المحدود الذي تعطيه الحواس، وهذا هو عين العبث، في حين أن الغزالي اشتغل على الشك المنهجي للوصول إلى الحقيقة، من خلال الإعتماد على العقل في حدود ما تعطيه آلياته في فهم الشريعة من حيث الظاهر، وعلى الإمان وتحديداً “ العرفان الإشراقي ” عند البحث في مجال المطلق أو الباطن. وأن التشابه الذي وصل حد التطابق في القواعد والأدوات بين المنهجين، لا يمكن تفسيره بالصدفة التاريخية، ولا بعامل التأثير والتأثر الطبيعي الذي يطبع مسيرة العلم وتطور المعرفة، لأن لا شيء يولد من فراغ، خصوصا إذا علمنا أن الغزالي وضع منهجه الثوري 600 سنة قبل ديكارت.

    وبهذا المعنى، فديكارت لم يأتي بجديد ولا قدم إضافة نوعية لما قاله الغزالي، بدليل أن منهج ‘ديكارت’ المؤسس حصراً على العقل اصطدم بالحائط، تماماً كما وقع لإبن رشد مع الغزالي نفسه الذي هزمه في ( تهافت الفلاسفة )، ولم يقدم الأول في ( تهافت التهافت ) ما يشفي الغليل في المسائل العشرين التي تتعلق بالإلهيات، ففهم أن للعقل حدود لا يستطيع تجاوزها للغوص في عالم الأنوار اللدنية، فوضع سلاحه وإنسحب من ساحات الفكر إلى الأبد، لينتهى عصر آخر أعلام المعتزلة، وليس صحيحا أنه كان إنتصارا لأهل السنة والجماعة على المعتزلة كما يعتقد العديد من العلمانيين اليوم، لأن الغزالي كان فقيها وواصلا صوفيا وعالما منتجا، لا ينحاز لمذهب ضد آخر، ويمتح من مصادر عرفانية تتجاوز عقلية الفقيه المقلد وقدرته على الفهم والإدراك، وكان رحمه الله يحذر بشدة من الوقوف في فهم الدين عند ما يجتره فقهاء الرسوم ميت عن ميت، لأن هذا هو عين الضلال، وأن فهم القرآن يكون من القرآن لا مما فهمه الفقيه المفسر وفق مستوى علمه وقدرته على الفهم والإدراك، ما أوجب التفريق بين الحقيقة الدينية المطلقة والفهم الديني النسبي.

    واليوم، أصبحت نظرية ديكارت غير منتجة في مجال المطلق الذي لا يدرك بالعقل، فعاد كبار فلاسفة الغرب بمن فيهم أعلام العصر الحديث ليمتحوا من فكر كبار الصوفية المسلمين وعلى رأسهم الإمام الأكبر ‘ محيي الدين ابن عربي ’، ما فتح آفاقاً ثورية جديدة غيرت بالكامل من فهم الإنسان لمعادلة ( الله – الإنسان – العالم ).

    هذا الكلام، لم يعجب أستاذنا الفرنسي، خصوصاً وأنه فتح الباب واسعاً أمام أسئلة كبرى لم يكن بمقدور صاحبنا تقديم أجوبة موضوعية عنها .. فهاحمني من حيث لم أكن أتوقع. قال، أنت عربي أم أمازيغي ؟ .. أجبت بحسن نية، عربي .. قال هل أنت سني أم شيعي ؟ .. كانت أول مرة أواجه بهذا النوع من السؤال الغريب عن بيئتي السوسيوثقافية، تذكرت فجأة جيراني الشيعة الذين نحتفل معا بعاشوراء ونقيم معهم علاقات مودة حميمية، فقلت، أنا مسلم وكفى، والناس بالنسبة لي نوعان، أخ في الدين وأخ في الخلق كما قال الإمام علي رضي الله عنه .. ضحك من جوابي وقال، هل تستطيع أن تذكر لي بعض من العلماء العرب الذين ساهموا في تطور العلم والمعرفة الإنسانية ؟ .. وبحسن نية بدأت أسرد عليه أسماء العلماء في شتى مجالات العلوم والمعرفة باستثناء علوم الدين واللغة، وذكرت له أن الكنيسة الكاتوليكية هي من ترجمت ما خلفه أعلام المسلمين في مكتبة قرطبة بالأندلس، وعنها أخذت جامعة أوكسفورد البريطانية كل علومها، فانتشرت المعرفة كالنار في الهشيم، وخرجت أوروبا من عصورها المظلمة إلى عصر الأنوار الذي أنتج الثورة الفرنسية .. قال، كل هؤلاء العباقرة الكبار الذين ذكرتهم، هم من أصل فارسي، باستثناء ابن خلدون وابن بطوطة وآخرين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد، فراجع معلوماتك في هذا الصدد.

    كان الرجل على حق .. وفي الوقت الذي أحسست فيه أنني انتصرت على أستاذ الفلسفة الفرنسي بمخزوني المعرفي المتواضع، استفقت من النشوة لأشعر بمرارة طعم الهزيمة .. لأن الأمر هذه المرة يتعلق بعقلية غير عربية كنا ندعى أن إنتاجها هو من ثراتنا العربي.

    كانت هذه هي اللحظة الفارقة في حياتي، لأنها شكلت نقطة التحول باكراً في المسار والمصير معاً .. شعرت ولأول مرة، بأن شيئاً ما تمزق عميقاً بداخلي وفتح علي أبواب جحيم الأسئلة التي لم أفكر فيها يوماً وكنت أعتقد من غبائي، أن لا أحد يطرحها لأنها غير موجودة .. لكن تبين أن ثقافة الغرب قائمة على هذا المعطى الذي يستطيع من خلاله “  إذلال ” العربي باستغلال جهله ونعرة “ العصبيــة القبليـــة ” المستبدة بعقله وكيانه، كما كشفها ابن خلدون واعتبرها المحرك للصراعات والحروب.

    و“ الذل ” كما يلخصه الدكتور المهدي المنجرة رحمه الله في مؤلفه ( الإهانة ) : “ هو شر قديم يعود بقوة ليبسط هيمنته على العالم، خصوصاً بعد أن غدت المهانة شكلاً للحكم ونمطاً لتدبير المجتمعات وطنياً وعالمياً ”. والذل كما يعرفه معجم “ روبير ” الفرنسي : هو “ فعل الإذلال الواقع على الغير أو على النفس ”.

    ما الفرق إذن بين عربي وفارسي والإسلام يعلمنا أن ( لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى ) ؟ .. أين المشكلة ؟ .. المشكلة تكمن في أنني استفقت فجأة على حقيقة عرت جهلي وكشفت لي بالمعنى القومي، أن ما كنت أعتقد أنه إنتاج عربي، تبين أنه ليس كذلك .. والمشكلة تكمن في طريقة إشتغال عقولنا وسرعة تقبلنا للمفاهيم المسمومة التي لا ندرك خطورتها إلا بعد أن تفعل فينا فعلتها المدمرة.

    لأنك حين تلغي باسم العروبة ما سواها من قوميات ( أمازيغ وأكراد ودروز، وتركمان، وفرس، وغيرهم … )، ضداً في مشيئة الله الذي أرادهم أن يكونوا مختلفين ولذلك خلقهم كما يؤكد في قرآنه، وتختزل كل التاريخ والحضارة تحت خيمة القبيلة، ينتهي عصر الإنسان “ العالمي ” كما أراده رب العالمين أن يكون، لا الإنسان “ المعولم ” على وزن “ مقولب ”، بحيث يتحول إلى “ مسخ ” أو نسخة مشوهة إلى أقصى الحدود وفق ما يريدها أن تكون، وبهذا فأنت تحارب الله من حيث تدري أو لا تدري.

    وبالتالي، فالذي يحارب الشيعة باسم السنة، إنما يحارب الله ودينه، ويرفض التنوع والإختلاف الذي أراده الله أن يكون شرطاً لمعرفة الحقيقة، وأوصانا بالتعارف والتعاون والتكامل والإحترام لتعيش في أمن وأمان وازدهار كأمة.

    وحين تنقلب الموازين، ويصبح المسلم يفتل أخاه المسلم في حرب إلغاء لا تخدم إلا أهداف أعداء الأمة والدين، فإنه حتماً يتموقع في جانب ما يعرفهم الفقهاء بـ “ أعداء الله ”. وهذا هو حال الوهابية والأنظمة العميلة الدائرة في فلكها اليوم، حيث لا هم لهم سوى تدمير إيران وحلفائها في المنطقة، وهي الدولة المسلمة التي التي تقود مشروعاً كبيراً بأهداف إستراتيجية كبرى تصب في صميم مصلحة الأمة ووحدتها وعزتها ومناعتها وكرامتها وازدهارها بفضل الخيرات التي أنعم بها الله عليها.

    اليوم نسمع من يقترح من المثقفيين القوميين أن يواجه خطاب الفتنة بخطاب قومي عروبي، متجاهلين العوائق والمطبات التي أنتجها هذا النوع من الخطاب بدليل أن العراق الذي كنا نعتقد أنه عربي، تبين أنه منقسم بين كردي وسني وشيعي، وقس عليه بقية البلدان العربية من الماء إلى الماء. وحدها سورية الأنموذج اليتيم في المنطقة الذي إستطاع النظام أن يقيم فيه دولة مدنية جامعة لكل مكوناتها، وهي اللحمة التي بلغت حد التجانس فما استطاعت الحرب الكونية النيل منها، وصمدت في وجه الذبح والقتل والإغتصاب وكل أنواع النهب والسلب والإجرام .. لكن، هل الشعب السوري كله شعب عربي ؟ ..

    من له مصلحة في التركيز على “ الحضارة العربية ” و“ القومية العربية ” بدل “ الحضارة الإسلامية ” و “ الوحدة الإسلامية ” التي تجمع الأمة حول حبل الله المتين ؟ .. لأن الذي يعمل على إذكاء الصراع بين العرب وغيرهم من القوميات هي السعودية، ومن يعمل ليل نهار على تفجير نار الفتنة بين “ السنة ” و “ الشيعة ” هي السعودية أيضاً، وبالتالي، فما المشروع الثقافي النهضوي والنموذج الإقتصادي والإجتماعي التنموي الذي قدمته السعودية للعرب غير ثقافة اللصوص القتلة وقطاع الطرق المجرمين زمن الصعاليك، والمعلقات زمن الجاهلية، والوهابية المستمدة من التعاليم التلمودية القديمة في العصر الحديث ؟ ..

    بدليل أن التاريخ يقول، يوم اجتمعت الأمة حول إسلامها دانت لها الدنيا فأعزها الله، وقدمت للإنسانية من عطاء العلم والمعرفة ما أخرج البشرية من عصر الظلمات إلى عصر أنوار المعرفة .. وعندما تركت إسلامها الرحب الجميل الذي وصل إلى أدغال إفريقيا وجبال الهند وصولاً إلى سهول الصين بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة، وإنساقت وراء شعارات الإشتراكية والقومية، أذلها الله وهزمها وفرق شملها، وها هي اليوم تتصارع فيما بينها حد الإنفجار المؤدي إلى التقسيم، حيث المطلوب “ إسرائيلياً ” أن يتحول العالم العربي إلى ممالك وكيانات طائفية مشوهة تتقاتل فيما بينها لتعيش “ إسرائيل ” بأمان.

    والمصيبة أنه حتى الكيانات كـ “ أكراد ” العراق و“ سنته ”، وجدت فيما يحدث اليوم من مؤامرة فرصة للإنخراط فيها للإنتقام وفرض الذات. لكن، وهنا الخطورة، لأن الأمر يتم من مدخل الفتنة المذهبية لقطع الطريق على أية محاولة لتلاقي “ المسلمين ” حول حبل الله المتين، وفتح الباب للمطالب القومية والعرقية والدينية بالإنفصال والتقسيم، الأمر الذي يضعف العرب ويفرق المسلمين ..

    فما الجديد إذن بين ما كان يحدث بالأمس زمن القبائل قبل الإسلام واليوم زمن “ داعش ” ؟.. لا شيء، نفس العصبية هي التي تحرك حروب العرب اليوم مع إستبدال العصبية “ القبلية ” الجاهلية القديمة بالعصبية المذهبية الجديدة، وجهان لعملة واحدة عرفها الله لنا بأنها فتنة، وحذرنا منها لأنها أشد من القتل، وها نحن نرى اليوم أنه بالفتنة، يتم تدميرنا وتفتيتنا، حتى أصبح العربي يقتل أخاه العربي بحماسة منقطعة النظير، إنتصاراً لـ “ اسرائيل ”.

    عندما تسمع اليوم في تونس من يتحسر على قمع ‘ بن علي ’، وفي مصر من يشتاق لديكتاتورية ‘ مبارك ’، وفي ليبيا من يتمنى لو عاد الطاغية ‘ القذافي ’ من قبره لإنهاء حرب داعش والغبراء المشتعلة في بلده، وفي العراق من يلعب بمصير شعب ووطن رغبة في الإنتقام من إعدام ‘ صدام ’، وفي المغرب من كفر بالربيع العربي بعد أن رأى ما رآه وقبل بالقمع والذل والإهانة، مقابل أن يعيش ليأكل في أمان كالأنعام، ووصل الحد بـ “ سعد الدين العثماني ”، وزير الخارجية السابق في حكومة الإخونجي الطرطور “ بنكيران ” ، أن الربيع العربي فشل في المغرب لأنه لم يكن ربيعاً أمازيغياً، فإنك حتماً ستخرج بخلاصة حاسمة مفادها، أن العالم العربي ميؤوس منه، وأن الإسلامويين هم بالمحصلة دعاة فتنة، لأنهم بدؤوا اللعب على وثر الحساسيات القومية والعرقية لتفجير الساحات العربية إنتقاماً من فشلهم في سورية ومصر وتونس وليبيا والمغرب، بل وحتى في تركيا مقر خلافتهم الوهمية.

    إن المشكلة لدينا مشكلة نخبة، ودعك من تحميل كل ما يصيبنا من ذل وإهانة على شماعة الشعوب، لأنها مضيعة للوقت ليس إلا، ما دام التاريخ يقول لنا أن التغيير لا تصنعه الشعوب، بل الرجال العظماء فصلاح الدين الذي حرر القدس كان مسلماً كردياً، والإمام الخميني الذي قاد ثورة شعبية وثقافية وعلمية لتحرير الأمة وجمعها على كلمة سواء ووضع مشروعاً أوصل إيران في بضع عقود رغم الحرب والحصار إلى مصاف الدول العظمى، كانا مسلماً إيرانياً، وسماحة السيد حسن نصر الله الذي حرر لبنان وهزم الجيش الصهيوني الذي لا يقهر هو مسلم عربي، وبالتالي ما يجمع هؤلاء العظماء على سبيل المثال لا الحصر هو “ الإسلام ” كما أراده الله أن يكون، برغم أنهم مختلفين في القومية بين كردي وفارسي وعربي.

    هذا يؤكد أن الثورة من دون قيادة غباء ومضيعة للجهد والوقت، وأن كل تغيير لا يحمل مشروعاً بديلاً عن مشروع السلطة القائم لا يمكن أن يكتب له النجاح، وأن ما حصل في العالم العربي يؤكد، أننا أمة بلا رأس ولا بوصلة ولا مشروع ولا خيار، ترى في حقوقها أحلاماً وردية تختزلها في الخبز والشغل وقليل من الحرية، ولتذهب الكرامة والقيم الجميلة إلى الجحيم.

    وإذا كانت السعودية التي تخوض حروبها اليوم ضد المسلمين جميعاً سنة وشيعة، عرباً وغير عرب، لا تملك غير مشروع الدم والحزن والدموع والدمار والخراب، فعن أي “ إسلام ” يتحدث المغفلون ؟.

    لأنك عندما تربط ما وقع في هذه البلدان جميعها بالسعودية، فإنك ستصل إلى نتيجة قاطعة مؤداها، أن الوهابية عدوة الديمقراطية هي من أفشلت ثورات الشعوب وطموحاتها في الحرية والعدالة والكرامة، وتعمل ليل نهار وبكل الوسائل اللا أخلاقية، لإعادة الدكتاتوريات العسكرية إلى العالم العربي، تدين لها بالولاء وتنخرط في مشروعها الهدام لمحاربة إيران وحلفائها في المنطقة.

    لكنك عندما تتابع ما حصل في سورية، وكيف أن هذا البلد العربي الممانع والمقاوم إستطاع أن يسقط كل حلقات المؤامرة الواحدة تلو الأخرى، وصمد في وجه أطماع التقسيم، وواجه الإرهاب وكل فنون الشر وجنون القتل الوهابي، وخرج منتصراً عسكرياً وسياسياً، بفضل تلاحم قيادة قوية مؤمنة وجيش بعقيدة قومية راسخة وشعب عريق واعي بابعاد المؤامرة، ومقاومة شعبية شريفة قدمت أرواحها قرباناً ليعيش الوطن، وحلفاء أوفياء أثبتوا للعالم معنى وجدوى المقاومة الإسلامية وقدرتها على صنع المعجزات .. فإن جرعة كبيرة من الأمل سوف تملؤك، فتطرد من قلبك اليأس، وتطلق لأفكارك العنان لتتوالد كالطيور المهاجرة إلى أوطان الماء والخضرة والجمال، وتشعر أن هناك نواة أمة تولد بوجع من رماد الحرب في سورية، وهذه الأمة لن تكون إلا مسلمة كما أرادها الله أن تكون، فكن عربياً أو أمازيغياً أو كردياً أو درزياً أو ما شأت، لكن كن مسلماً، لأن ما يجمعنا هو إيماننا بخالقنا وبرسالتنا في الحياة الدنيا.

    غير أن هذا الأمل الذي أحيته في نفوسنا سورية الحبيبة، سرعان ما اصطدم بواقع أليم جديد، يشي بأن الأمور قد خرجت فعلاً عن السيطرة، حين قررت أمريكا والسعودية وإسرائيل التعويض عن فشلهم في سورية بإسقاط العراق، لتوجيه ضربة إستراتيجية لإيران بالنسبة للسعودية، والضغط على طهران بالنسبة لأمريكا. وبالتوازي صدرت التعليمات لإشعال الساحة اللبنانية بالتفجيرات، فعادت كتائب عز الدين القسام لتهدد حزب الله بحرب مذهبية في لبنان وسورية، ما يؤكد أن المطلوب، وبإلحاح، في المرحلة المقبلة هي حرب مذهبية “ سنية – شيعية ” تشتعل من لبنان إلى العراق لتنتهي بإحراق إيران .. هذا هو المشروع بإختصار.

    وإذا كانت السعودية تلعب أوراقها بالمكشوف معلنة عن نفسها زعيمة “ العالم السني ” وقائدة حربه المقدسة ضد إيران “ الشيعة ” وأدرعها في المنطقة، خصوصاً بعد أن تحولت إيران إلى عدو و“ إسرائيل ” إلى حليف ..

    وإذا كانت المعلومات المسربة من إسرائيل تفيد أن هناك تعاونا إستراتيجياً وثيقاً بين تل أبيب والرياض في كل ما يخطط له للمنطقة من لبنان إلى إيران، كما وأنهما يعملان سوياً عبر لوبياتهما في واشنطن، لإفشال أي إتفاق نووي محتمل مع طهران، مخافة أن يصبح لإيران دور إقليمي في أمن المنطقة ..

    وإذا كانت إيران تؤكد على لسان السيد ‘ بروجردي ’ أن السعودية وأمريكا هما من يدعمان الإرهاب في العراق، وأن الأمريكيين هم من أرسل الإرهابيين والعملاء إلى العراق من أجل التعويض عن هزيمتهم في سورية كما أكد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام السيد ‘ سعيد جليلي ’ الإثنين ..

    وإذا كانت ‘ فورين بوليسي ’، وكبريات الصحف الأمريكية والبريطانية بمن فيها “ التايمز ”، نشرت تقارير تؤكد بأن السعودية هي من مول داعش بمليار ونصف مليار دولار مع الأسلحة والمعدات والعتاد، وأن قرار إسقاط العراق جاء مباشرة بعد نتائج الإنتخابات في العراق وسورية، وتحدثت تقارير غربية ومصادر ديبلوماسية عربية عن أن الرياض وتل أبيب نسقا معا خطة الهجوم على الموصل، وحضرا لها قبل ذلك بإدخال السلاح وتخزينه، وتجنيد المقاتلين والإتفاق مع “ أمير المؤمنين ” في دولة “ داعش ” حول الأهداف المطلوب منه تحقيقها في غزوته للعراق ..

    فإن إيران توجد اليوم في وضع خطير وحساس لا تحسد عليه، لأن التجيش المذهبي والتضليل الإعلامي الذي رافق غزوة الموصل وما بعدها، وصل أوجه عندما سوق للصراع باعتباره ثورة مظلومين “ سنة ”، وأن إيران تحرض العراقيين على حرب طائفية قد تحرق المنطقة تأسيساً على ما اعتبر فتوى من المرجع الشيعي الأعلى السيد ‘ السيستاني ’، وأن “ داعش ” هي صناعة إيرانية وسورية، وأن السعودية تعارض بقوة أي تدخل أجنبي في العراق، حتى لا يفشل مشروع حربها الطائفية في حال دخلت أمريكا لتحارب “ الإرهاب ”، حينها سيسقط إدعائها وتفشل كما فشلت في سورية.

    وإذا أردت أن تعرف مفتاح السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، فلا تصدق ما يقوله الساسة، ولا ما تروج له مراكز الدراسات والبحوث الغربية والشرقية .. تابع فقط ما يقوله الرئيس الأمريكي وتصيد أخطاءه.

    فالرئيس بوش مثلا بعد أحداث نيويورك، قال أن بلاده تخوض حرباً صليبية مقدسة ضد الإسلام والمسلمين أعداء الحضارة والقيم الغربية، فاحتل أفغانستان والعراق، وكان ينوي ضرب سورية وإيران، لكن المقاومة الشديدة في أفغانستان والعراق أنهكت قواته واستنزفت مذخرات الأمريكيين، وأدخلت الإقتصاد القومي والعالمي في أزمة بنيوية يصعب الخروج منها من دون نظام إقتصادي جديد يكون بديلاً عن النظام القائم، وهو ما لا يتوفر حتى الأن، ما قد يدخل العالم في الفوضى في إنتظار ذلك.

    أما بالنسبة للفترة المقبلة فيكفي الإستماع إلى كلمة الرئيس ‘ أوباما ’ في إطلالته الأخيرة التي قال فيها كلاما دقيقاً وعميقاً مفاده : “ نحن ندعم ديموقراطية الطوائف في العراق ” .. هذا يعني بالإنجليزي كما بالعربي والعبري وكل لغات العالم .. أن التقسيم هو مصير العراق.

    فهل ستنجح المؤامرة ؟ .. بكل تأكيد لا، لأن العقلية الإسلامية التي يشتغل بها محور المقاومة، لا تشبه في شيء العقلية البدوية الرجعية الظلامية العربيةي.. لهذا، يحار أنصار المقاومة ويتساءلون عن ما يمكن فعله لإنقاذ العراق ..

    والجواب العملاني على الأرض سيأتي قريباً، وأسرع مما يتصور الحالمون .. فترقبوا، إنا معكم من المترقبين، وإن غداً لناظره لقريب.

    هذه لعبة أكبر من حجم السعودية وأهواء إسرائيل.

    بانوراما الشرق الأوسط

      الوقت/التاريخ الآن هو 22nd نوفمبر 2024, 12:04 am