• (( أنا القدس )) •
انتقلت كاميرا المخرج باسل الخطيب من أحياء دمشق القديمة إلى بلدة مشتى الحلو ومنها إلى صافيتا لاستكمال تصوير مسلسل << أنا القدس >> المأخوذ عن روايته " أحلام الغرس المقدس " التي نال عنها جائزة سعاد الصباح.
فبعد مسلسلي عائد إلى حيفا ويحيى عياش وفيلم قيامة مدينة التي حققها الخطيب ونالت نصيبها من النجاح يسعى هذا المخرج في السيناريو الذي أعده مع أخيه تليد لصناعة وثيقة بصرية جديدة عن نصف قرن من تاريخ زهرة المدائن متكئاً على كتاب فلسطين لروجيه غارودي والقدس لسامي الحكيم والمذكرة الفلسطينية لوالده الشاعر يوسف الخطيب.
ويصور العمل حكاية مدينة القدس وما جرى فيها من أحداث على مدى خمسين عاماً ابتداء من 1917 تاريخ دخول الجيش البريطاني إليها وانتهاء بنكسة حزيران وسقوط القدس بيد الصهاينة مستعرضا ما بينهما من أحداث مهمة كثورة البراق وثورة الريف الفلسطيني وقرار التقسيم وحرب 1948.
وتتجسد هذه الأحداث التاريخية من خلال ثلاثة أجيال لعائلة فلسطينية تسكن القدس يموت فيها رب الأسرة إثر سقوط المدينة في يد الجيش البريطاني لتنتقل الأحداث بارتباطها إلى أبنائه وأحفاده مبرزاً عبر ذلك التغيرات التي عايشتها القدس على الأصعدة الاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها.
وفي تصريح لوكالة سانا قال الخطيب من موقع التصوير في مشتى الحلو : اخترت قدر الإمكان المفاصل المهمة لتاريخ مدينة القدس والتي كانت من وجهة نظري الحاسمة في الصراع وبنيت عليها هذا المسلسل الذي هو ملحمة إنسانية بالدرجة الأولى أما الأحداث السياسية فتأتي كخلفية بالدرجة الثانية.
ويوضح الخطيب : حاولنا بهذا السيناريو أن نمزج بين المادة التاريخية والأحداث السياسية وبين الخيوط الدرامية التي لا غنى عنها في أي مسلسل تلفزيوني وهنا مكمن الصعوبة المواءمة بين الشخصيات الحقيقية ومنها كبار رجالات القدس في السياسة والفكر والأدب وبين رسم مصائر لأشخاص بسطاء عايشوا أحداث المدينة.
أما على المستوى الإخراجي فيلفت الخطيب إلى أن هناك تنوعا في جنسيات الممثلين مرجعاً ذلك إلى أن القدس كانت منارة تستقطب أهم المفكرين والأدباء والفنانين والشعراء العرب بحيث أن أي شيء يصنعونه في فنهم وأفكارهم لا يكتمل إلا بزيارتهم للقدس والمشاركة بما يحدث فيها ومن هنا كان التنوع للتأكيد على أن القدس لا تعني فقط الفلسطينيين وإنما العرب جميعاً.
يشارك في المسلسل نخبة من نجوم الدراما السورية من بينهم صباح الجزائري, عابد فهد, كاريس بشار, نضال نجم, صبا مبارك, تاج حيدر, وتيسير إدريس, رنا العضم إلى جانب نجوم عرب كالممثل الأردني منذر رياحنة والنجم المصري فاروق الفيشاوي .. والعمل من إنتاج شركة جوي للإنتاج الفني ومشاركة مصرية في الإنتاج من خلال شركة محمد فوزي.
ويجسد الفنان عابد فهد في العمل شخصية عبد الله أحد الفلسطينيين الذين ينتمون بقوة لوطنهم وأرضهم يموت والده على يد البريطانيين كما يفقد معمله الذي يصنع فيه التحف الفلسطينية التي تمثل العادات والتقاليد والبيئة والذاكرة ويتعرض للاضطهاد والقتل والتشريد .. لديه ولدان أحدهما يدرس في الجامعة يذهب ويعود بعد أربع سنوات محملاً بأفكار وقيم جديدة لنلحظ الفرق بينه وبين أخيه الذي بقي في وطنه لينشأ صراع جديد ضمن العائلة.
ويصف فهد عبد الله بأنه إنسان شريف ولا يستطيع التنازل عن أي شيء يمس بالتراث الفلسطيني من معابد وأماكن أثرية وغيرها بمعنى أنه ضد التهويد الذي مارسته وتمارسه إسرائيل حتى الآن.
وتعبر الفنانة صباح الجزائري التي تجسد شخصية أم عبد الله عن سعادتها بالمشاركة ضمن عمل يحكي عن القضية الفلسطينية واصفة إياها بأنها قضية الجميع ولاسيما بعد نجاحها في الدور الذي جسدته ضمن مسلسل عائد إلى حيفا الذي أخرجه الخطيب أيضاً وتعتبره الجزائري من الأعمال المهمة بتاريخها الفني.
وتقول : عائد إلى حيفا وأنا القدس مأخوذان عن روايتين ومن هنا تأتي قدرتهما على التعبير عن الأشياء الصميمية في القضية الفلسطينية كما أن نص أنا القدس مكتوب بدقة وعناية وكل لقطة يتم العمل عليها بجهد عالٍ ..
أتمنى أن يصل لقلوب الناس.
ووصفت الفنانة رنا العضم المسلسل بأنه أرشيف لنصف قرن من حياة القدس لافتةً إلى أنها تشارك في العمل بدور إيمان وهي فتاة من أم مصرية وأب فلسطيني تعيش في القاهرة وتأتي إلى القدس لأنها تقرر أن تستقر ببلدها وتتزوج من بطل العمل عبد الله لتبدأ صراعاً مريراً بعد وقت قصير من زواجها إثر إصابة زوجها التي تؤدي إلى قطع رجله فيصبح شغلها الشاغل هو المحافظة على حياة زوجها وخاصة بعد اكتشافها أنها حامل لكنها في نهاية المسلسل تموت من القهر.
أما الفنان محمد رافع فيجسد دور " خيري " شاب فلسطيني والده مجاهد في فترة الاحتلال الإنكليزي لفلسطين تستهويه قصة الجهاد المقدس لتحرير فلسطين وتكبر هذه الفكرة عنده وترتبط بأحلام كبيرة مع أصدقاء من المجاهدين وتمر هذه الشخصية بتبدلات كبيرة وفي النهاية يتوقف عن الجهاد المسلح وينتقل للجهاد عن طريق الفكر والقلم ويقول رافع إن العمل مكتوب بأسلوب جديد وجرأة عالية.
على صعيد آخر اتفق المخرج باسل الخطيب مع الموسيقار نصير شمة على وضع الموسيقا التصويرية للمسلسل علماً أن كلمات أغنية الشارة من تأليف الشاعر يوسف الخطيب وفي هذا يقول الخطيب : إن نصير شمة موسيقي من الطراز الرفيع كما أنه يحمل الهم الوطني والقومي أيضاً وله تجارب كثيرة ومهمة جداً في تلحين الأعمال الوطنية مبيناً أن شمة يعمل الآن
على تسجيل الموسيقا.
( دمشق - سانا )