يوميّات مع سـائق ميكروباص
--------------- (دمشـق) ---------------
الـيـوم الأول ..
من واجهة الميكروباص الزّجاجيّة, حيث كنت أجلس في المقعد الأمامي خلف السّائق مباشرة, بدى لي الزّحام في شارع بغداد الذي يغصّ بالمارّة وبمختلف وسائل النقل الأخرى.وحين أضاءت إشارة المرور باللّون البرتقالي فالأحمر مُنذرة بالوقوف, وقفنا مع طابور السّيّارات المتراصّة, وكنا نبعد عن الإشارة مسافة ليست بقليلة, وكان امتداد الشّارع يتفرّع إلى مُنعطفات ذات اليمين وذات اليسار, ممّا أتاح للميكرو فرصة التّقدم لبضع خطوات على موقف الإشارة نفسه ومن ثمّ يعود ليقف ثانية, وهكذا لمرات متوالية.
وبدت الدّقائق طويلة ومملّة عبر إيقاع حياتنا السّريع ومشاغلنا اليوميّة الّتي لا تحتمل التّأخير, وكانت تلك الدّقائق قد تجاوزت الرّبع ساعة ممّا أثار غضب الجميع.
وحين نظرت إلى المرآة المقابلة أمامي, وجدت وجه السّائق وقد بدت عليه علائم الإستياء وهو متأهّب للسّير ثانية بثانية, ويتلفت قلقاً إلى كلّ ما يحيط به في الشّارع.
كان أحد الرّكاب في الخلف ينظر إلى ساعته متأفّفاً وآخر يهمّ بالنزول من الباص وحينما وصل إلى الباب مادّاً يده لفتحه .. صاح به سائق الميكرو قائلاً : شو عمّا تساوي يا أخ ممنوع تنزل هون ...
لكنّ الرّاكب لم يعطه أذناً, ونزل من الباص بلا تردّد, ومن ثم دفع بالباب بما أوتي من عزم.
وشاهدت إحدى الرّاكبات ترتعد ذعراً, فاصطدم رأسها برأس الرّاكب الجالس بجوارها على المقعد, ثم نظر إليها الآخر بامتعاض, بينما أخذ السّائق يتمتم باللعن والسّباب.
وكنا قد اقتربنا من مكان الإشارة التي أضاءت باللون الأخضر أخيراً ..
عندها فقط تنفست الصّعـداء.