مجلة فرنسية تلتقي محرضي الثورة في سوريا ..
و" الجزيرة " تنظم زيارة سرية لفداء السيد إلى الدوحة
دورات تدريبية في الأردن وتركيا وأميركا ومئات معدات الاتصالات دخلت سورية سراً نشرت أسبوعية « نوفل اوبزرفاتور » الفرنسية تحقيقاً مطولاً بعنوان : « سورية الشبكات السرية للمقاومة الإلكترونية » يبدأ بلقاء مع فداء السيد المقيم في السويد وتصفه المجلة بـ« المسلم الورع »، والموهوب بالمعلوماتية، وهو مدير موقع « الثورة السورية » على الإنترنت.
وتنقل المجلة عنه أن « المخابرات السورية هددته مرات عدة، حتى في السويد، لأنه ينشر صوراً عن الثورة ويوزعها على كل قنوات العالم »، وذكرت الأسبوعية أن سوريين مغتربين مثل فداء السيد أقاموا شبكات سرية داخل سورية وخارجها لتوزيع صور وأفلام التظاهرات.
وتتحدث الأسبوعية مع رامي نخلة الناشط الإلكتروني السوري، إذ تصفه بـ « الثائر ابن الثماني وعشرين سنة »، وتذكر أنه يقيم في حي الأشرفية في بيروت في شقة أعيرت له ( لا تذكر الأسبوعية من أعاره الشقة )، وتنقل عنه « إن ثورة سلمية لا يمكن أن تنجح إلا إذا انتشرت المعلومة بين الناس، ويجب أن يعرف المتظاهرون أن آخرين يتعاطفون معهم، ويتظاهرون مثلهم في كل أرجاء البلاد، وهكذا يسقط جدار الخوف وهو الحليف الأساسي للديكتاتوريات، ويسقط معه النظام »، حسب تصريحات نخلة للمجلة.
وأوضحت الأسبوعية في تحقيقها أن أسامة المنجد هو أول من نظم دخول معدات اتصال بشكل سري إلى سورية، وذكرت أنه يعيش في لندن منذ عام 2005 ودرس « تكتيك الكفاح السلمي »، ونظم ندوات لعشرات السوريين في الداخل السوري حول هذا الموضوع خلال الأشهر التي سبقت التحركات، وكشفت المجلة أن الدورات التدريبية هذه تمت سراً في عدة دول يمكن أن يدخلها السوريون من دون تأشيرة وخاصة تركيا والأردن، وقالت إن معظم المتدربين، وهم ممن يعتبرون أنفسهم من المدافعين عن حقوق الإنسان، تلقوا معدات اتصال متطورة في فترة مبكرة وقبل أسابيع من اندلاع الأحداث في سورية.
ونقلت عن المنجد قوله : « بدأت مع أصدقائي بإدخال أجهزة اتصال عبر الأقمار الاصطناعية وهواتف صغيرة الحجم ( سمارت فون ) وأجهزة كمبيوتر محمولة منذ شهر شباط بعد سقوط بن علي في تونس مباشرة، وكنا نشعر أن السوريين سيتحركون بدورهم ». ويؤكد المنجد أن « شبكة شام » التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها « أنشئت نهاية شباط، أي قبل بداية التحركات بثلاثة أسابيع » وأدخلت مئات الأجهزة إلى سورية، وذكر أن التمويل جاء من رجال أعمال مغتربين وليس من الخارجية الأميركية، وأن المعدات أدخلت سراً عبر المطارات وعبر الحدود مع الأردن ولبنان وتركيا، وقال : « إن الأمور لم تكن معقدة كثيراً ».
وأوضحت المجلة الفرنسية أن عدداً كبيراً من السوريين المغتربين أقاموا شبكات مثل المنجد، ونقلوا معدات اتصال إلى سورية وخاصة أجهزة مودم موصولة بالأقمار الاصطناعية. ونوهت أن فراس الأتاسي المقيم في الرياض تكفل بمدينة حمص، في حين تولى عمار عبد الحميد، المقيم في الولايات المتحدة، مدينة دمشق، حيث لديه أصدقاء كثر. وأشارت المجلة إلى وجود ناشطين كهؤلاء في عدد كبير من الدول مثل تركيا ولبنان والكويت وأستراليا.
وفي فرنسا تحدثت الأسبوعية الفرنسية مع طالب سوري اسمه عمرو ( اسم مستعار ) يقيم في إحدى الضواحي الباريسية ويرفض الكشف عن هويته، ويقول إنه على اتصال مع فداء السيد في استوكهلم، وذكرت أن عمرو ينظم عملية النقل المباشر لـ« الجزيرة » من شقته المتواضعة في باريس، حيث ينتظر الأخبار من المتعاونين معه في بانياس بعد صلاة الجمعة في يوم « جمعة الغضب »، وقد زود هؤلاء بهواتف فضائية دفع ثمنها طبيب ثري. ونسبت المجلة للشاب السوري قوله : « أمضيت الليلة أشرح لأحد شبابنا كيف يستخدم بامبوسير»، وهو برنامج يتيح نقل صور بشكل مباشر عبر الهاتف ».
وتصف المجلة المشهد في شقة عمرو كالتالي : « اتصال من بانياس عبر سكايب، أسامة على الخط، التظاهرة ستبدأ، سيصورها »، وعمرو يتصل بالدوحة ويقول لـ« الجزيرة » إن « كل شيء جاهز »، وتصل أولى صور الحشود إلى حاسبه الشخصي وبعد ثلاث ثوان تظهر على شاشة « الجزيرة ».
وتنقل المجلة الفرنسية عن فداء السيد في استوكهلم قوله: « إن ( الجزيرة ) كانت مترددة في نقل أخبار سورية في البداية وكانت ترفض الصور الحية من سورية »، وتفسر المجلة الأمر بأن القناة القطرية كانت تريد تحييد سورية نظراً لعلاقات الأمير الشخصية مع الرئيس الأسد، وتذكر أن تغطية « الجزيرة » تغيرت فجأة منتصف الشهر الماضي، وتعمل القناة الآن مع شبكة المغتربين للحصول على أفضل الصور بشكل حصري.
وحسب المجلة فقد ذهب فداء السيد في 28 نيسان إلى الدوحة للقاء المديرين في « الجزيرة »، وأحيطت رحلته بسرية كبيرة لإبعاد نظر أجهزة المخابرات عنه، حيث حلق لحيته وذهب قبل يوم من الموعد المقرر ولم ينزل في الفندق المحجوز له. وتشير الصحيفة إلى أن « الجزيرة » فرشت له السجاد الأحمر، ويقول السيد: «قالوا لي إن البث سيكون مفتوحاً لنا ابتداءً من الآن، وتمنوا أن نخصهم ( الجزيرة ) بأفلامنا القوية وألا نعطيها للقنوات المنافسة مثل « العربية » والـ « بي. بي. سي »، إلا أن فداء السيد رفض منح حصرية الصور لــ« الجزيرة » ونصحته الفضائية الإخبارية القطرية، أنه من الضروري للدفاع عن قضيته، التركيز في التصوير على النساء والأطفال وعلى الشعارات السلمية لأن ذلك يدغدغ مشاعر الناس.
وبالعودة إلى الناشط المقيم في باريس عمرو، تذكر المجلة أنه يأخذ كل الاحتياطات ولا يرسل هواتف ثريا لأنه بات « من الممكن التنصت عليها »، ويفضل هواتف الإيريديوم ( Iridium )، وهو أغلى ثمناً لكنه أكثر أماناً ويعمل أيضاً من خلال الاتصال المباشر بالأقمار الصناعية.
وتشير الأسبوعية إلى الحرب التي تشنها الدولة عبر أجهزة الأمن لملاحقة من يرسل صوراً، وتوضح أن النشطاء يعرفون كيف يحبطون الأفخاخ وقد تم تأهيلهم في ذلك، وتكشفت أنه في السنوات الأخيرة تم تدريب عشرات النشطاء على كيفية حماية المعلومات في الخارج، وأن عدداً من المؤسسات الغربية نظمت لهم دورات تدريبية بشكل سري في دول مجاورة. ففي الأردن مثلاً دربتهم منظمة « فرونت أونلاين » الايرلندية وهي منظمة غير حكومية، على كيفية حذف المعطيات عن بعد، وتبادل رسائل الكترونية بالسر، وتذكر المجلة أن رامي نخلة تابع دورة تدريبية في هذا المجال في الولايات المتحدة خلال شهر شباط 2010.
وتختم المجلة تحقيقها بأمنية هؤلاء الموجودين في الخارج بأن يروا يوماً ساحة سورية يتم احتلالها من قبل مئات الآلاف من المتظاهرين وآنذاك يكونوا قد حققوا أمنيتهم في تنظيم « ثورة حقيقة »، لكن ما لم تنشره المجلة أن هؤلاء الذين عملوا من خارج سورية وعلى الرغم من التكنولوجيا المتطورة وعمليات التزييف التي مارسوها في بث أفلام مفبركة وشائعات وأكاذيب جالت كل العالم، أخفقوا في إخراج السوريين إلى الشارع والقيام بـ« دورة مستوردة » وذلك نتيجة وعيهم وعلمهم المسبق بأن ما يحصل في سورية يدار من الخارج ولأهداف سياسية معروفة وبتمويل معروف أيضاً قد لا يكون مباشرة من الخارجية الأميركية كما يقول التحقيق المنشور في المجلة الفرنسية، لكن بكل تأكيد من أشخاص لهم مصلحة في تدمير سورية وإخضاعها للشروط السياسية الأميركية والإسرائيلية.
واللافت أنه بعد أن فشلت كل محاولات تحريك السوريين خرج السلاح وبدأ التمرد العسكري ما يؤكد إخفاق مشروع « الثورة الشعبية » واللجوء من خلال مجموعات دينية متطرفة إلى العمل العسكري وقتل واغتيال أكبر عدد ممكن من السوريين والمطالبة بالتدخل الأجنبي على غرار ما حصل في ليبيا، وهذا ما سمعناه مباشرة من عدة أسماء وردت في التقرير ناشدت واشنطن بالتدخل عسكرياً في سورية وهذا دليل آخر على إفلاس تلك المجموعات وخيبة أملهم في إحداث « ثورة » لا مكان لها في سورية.