بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصباح المظلم
- بادره قائلاً : السلام عليكم أيها الشيخ
- أجابه الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- قال الرجل وبدون تمهيد : أرجو أيها الشيخ ألاّ تغضب عليّ؛ فإني أقول لك بصراحه أن الله قد حرمني من معظم الأشياء، ولم يغدق عليّ شيئاً من نعمائه وكرمه؛ فأنا فقير معدم وفي حالة يرثى لها من العوز والفاقه والحرمان، ولهذا السبب فإنني لا أحمد الله ولا أشكره، كما لم ولن ألتزم بنواهيه وأوامره.
وهنا صمت الشيخ برهة وشعر أن الموقف مع هذا الرجل يتطلب الصبر وضبط النفس وأن المحاجاه معه وسط زحام الناس وعلى رصيف الشارع سوف تخلو من اللياقه والتأدب، فأسرَّ في نفسه امراً ...
- فقال للرجل بشيء من اللطف واللين : أرغب أيها الأخ المسلم أن ترافقني في الطريق بعض الوقت
- أجابه الرجل : بكل سرور أيها الشيخ
وسار به الشيخ مسافه أوصلته إلى ( عمود كهرباء ) فيه مصباح مطفئ فوقف تحته ...
- وقال للرجل : اُنظر إلى المصباح المعلق فوق عمود الكهرباء هذا، هل تراه مضيئاً أم مظلماً ؟
- فقال الرجل : إني أراه مظلماً
- فقال الشيخ : وهذه القوة الكهربائيه، أو مانسميه ( بالتيار الكهربائي ) هل ترى أنها تصل إلى هذا المصباح ؟
- أجاب الرجل وكان متعلماً : نعم إن التيار الكهربائي يسري إلى هذا المصباح عن طريق السلك الذي يحمله عمود الكهرباء المتصل بالمصباح
- فقال الشيخ : فما السبب في أنه لا يضيء أبداً ؟
- أجاب الرجل : لأنه عاطل ومحترق فهو مظلم
فارتسمت ملامح الارتياح على وجه الشيخ فقال للرجل بنبرة الواثق الصادق : كذلك قلبك فإنه مظلم للخلل الذي أصابه بسبب إعراضك عن ذكر الله وعقوقك الآدمي هذا، مع أن ( التيار الإلهي ) بما فيه من رحمة ونعمة وكرم وعطاء يصل إليه؛ لكنك لا تحس بهذا لأنك أحرقت قلبك وعطلته عن تَقبُل هذه النعم فصار كالمصباح المظلم هذا الذي أمامك، فما عليك إلاّ أن تبدل مصباح قلبك المظلم بمصباح منير.
وهنا انتبه هذا الرجل إلى هذه الحقيقه الواضحه الناصعه فغمره الخجل والحياء وأحس في قرارة نفسه أنه قد أذنب كثيراً وحاد عن جادة الحق والصواب
- فقال للشيخ : لكَمْ كنت جاهلاً غافلاً واَثماً ظالماً؛ فيا لمصير قلبي الأسود المظلم والاّ فكيف تصلني رحمة الله وتسعني وتنير قلبي وقد جحدت نعمه وأنكرت فضله ونسيت ذكره وعصيت أوامره ؟
- أجابه الشيخ الناصح اللبيب : لا تيأس واستغفر الله تعالى عما بدر منك فإنه غافر الذنوب قابل التوبه وستجد بعد حين مصباح قلبك وقد غمرته أضواء الإيمان من كل مكان، إنك لن تحتاج لسوى تبديل مصباح قلبك المنطفئ بمصباح جديد منير.