الـدروس السـوريـة .. بـقـلـم : سـامـر يحيـى
الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، عبارات مطّاطة استخدمها الغرب لإثارة مشاعرنا وتشويه الحقائق الموجودة على الأرض، طبعاً لا ننكر بعض الأخطاء لدينا، ولكن لا أحد ينكر " الديمقراطية " الغربية والأمريكية خاصة في غوانتانامو ودعمهم الأعمى للكيان الصهيوني الإرهابي، فإذا أخذنا الأمور بمقياس نسبي نرى بأن سورية من الدول المتقدّمة جداً رغم كل الظروف، آخذين بالاعتبار أن لكل مرحلةٍ ظروفها.
الآن ورغم التغييرات التي بدأت تظهر على الخارطة العالمية، ولا سيّما التي حصلت في الوطن العربي وما كان له أثر كبير على الوضع في الجمهورية العربية السورية، إلا أن سورية استمرت بعملية التطوّر التلقائي الطبيعي الذي دأبت عليه، وخاصة في الحياة السياسية أسوة بكل مراحل الحياة المتجدّدة بما يواكب العصر والمرحلة، إذ تم الانتقال من مرحلة الاستفتاء إلى مرحلة الانتخابات، ضمن الشروط المتوافقة مع غالبية الدساتير المتقدّمة في العالم. إلا أن المثير للانتباه هو موقف بعض من يدّعون الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتشدّق البعض بحريّة، لا يعرف معناها إنمّا قلّد ما تتناوله وسائل إعلام لا تؤمن بالحرية والديمقراطية إلا بما يخدم مصالحها في تفتيت الدول العربية وبث الإحباط واليأس بدلاً من ابتكار الآليات المفيدة والبناءة لاستكمال البناء وتوطيد التعاون والعلاقات الراسخة بين كافة أبناء المجتمع بغض النظر عن انتمائهم ..
إذ بدأت هذه القنوات ببث الفرقة والفتنة ودس السمّ بالدّسم بهدف تشويه كامل التاريخ العربي متناسية المحطّات المهمة في تاريخنا، تلبية لرغبات صهيونية بحتة، علماً أن هذه القنوات لا مشكلة لديها بالعودة مجدّداً عن سياساتها، فهي لا تغيّر مبادئها، التي هي " اتباع الوصايا التي يفرضها عليها " الصهيو - أمريكي " ولكن تغير الأسلوب الأمثل الذي توصل به أفكارها لعقول الناس، والأدوات المناسبة لهذه المرحلة لتحقيق أهدافها الإرهابية ..
نعم هذه مرحلة استحقاق تاريخي دستوري في سورية، تجربة تستحق أن نخوضها بكافّة جوانبها، لإثبات للعالم جديّة الموقف السوري القائم على الثوابت والمبادئ التي يستحيل التنازل عنها، وننطلق من خلالها لوضع الطرق الكفيلة بحسن تطبيقها بما يتلاءم مع كافة أبناء المجتمع ويلبّي تطلعاتهم .. إننا هنا لا نقارن بين قامة تملك تاريخاً عريقاً وعبقرية فذة، استطاعت الصمود في وجه أعتى مخابرات العالم ودوله وأخطر أشكال الإرهاب الخارجي المعتمد على أدوات داخلية، والمستمد قوّته من منظومة فساد مسلّحة بكافة أشكال الغزو الثقافي والسياسي والفكري والإعلامي .. وبين أشخاص يريدون إثبات وجودهم وخوض غمار تجربة سياسية، ليثبتوا للآخر أن سورية ولادة، وقادرة على استكمال نهوضها بتعاون وتفاهم ومحبّة جميع أبنائها، رغم كل ما يحصل، وأن الشعب العربي السوري واع ويعلم ما يدور حوله، وقادرٌ على اختيار قادته وبناء مستقبله، شعب متجدّد العطاء والإبداع.
مطالبون جميعاً بالاعتماد على التفكير المنطقي السليم، ومواكبة التطوّرات والتغيرات بما يصبّ في مصلحة الوطن التي هي بالمحصلة مصلحة كافة أبنائه، وأن نقف إلى جانب الشخص الذي نفتخر أنه قاد مسيرة التطوير والتحديث لمسيرة التصحيح المجيد، باقتراح آليات عمل قابلة للتطبيق وبدء العمل لاستكمال النهوض بعيداً عن التنظير والاتكالية، وتشجيع كل عمل سياسي ما دام تحت سقف الوطن، لنثبت للجميع بأن سورية أضافت لبنة جديدة في استمرار تقدّمها، مهما حاولوا العبث بها وتدميرها، وأنّ سورية لا تقارن نفسها بأحد بل يقارن الآخرون أنفسهم بها، وهي لا تأخذ الدروس من أحد بل تعطي الدروس للآخر، مستفيدةً من تجاربها ..
على كلّ منا القيام بدوره وواجبه ومن مكانه، بوضع لبنة لاستكمال بناء سوريتنا، بعيداً عن التنظير والعشوائية وتحميل المسؤولية للآخر، لنكون أوفياء لمن نرشّح ويعمل لأجل سوريتنا، لننهض معاً ونرقى لما نستحق، سورية لا تحتاج معارضاً لمجرّد أن يسمّى معارضاً، ولا تحتاج موالياً لمجرّد أن يسمى موالياً، فهذا هو الانتهازي لأن المعارض هو الذي يعارض الفساد والإرهاب بجرأة ووضوح، والموالي هو الذي يوالي الإصلاحات والنجاحات ويعمل على تطويرها والإشارة إليها بقوة، معتمداً على التفكير والحنكة والحكمة، والجمع بين عنفوان الشباب حكمة الشيوخ، سورية تحتاج لمواطن صالح يفكّر بمنطق العقل والحكمة، منطق يدرس الواقع كما هو وما يمكن أن ينطبق عليه بعيداً عن التشهير بهذا أو ذاك والعمل الجاد لبناء سورية الحاضر المستند لماضٍ خالدٍ، لبناء مستقبل مزدهر ..
الأزمـنـة