ســوريـا
بقلم الشاعر صبري الصبري
سـوريْـا الـعــروس تـهـيـأت لـزفــافِ
وتــزيــنـــت بــحــضـــارة الأســــــــلافِ
وتضـوعـت بالمـسـك طـيَّــب ثـغـرهـا
وردائــــهــــا بــحـــريـــره الــهــفــهــافِ
وتـمـخَّــرَت ريــــح الأوائــــل يـمــمــت
وجـهــاً لـهــم بـمـحـاسـن الإتــحــافِ
واستنشقـت مـن روضهـم بجمالهـا
مـا بالنسيـم مــن الأريــج الضـافـي
وتـمــخــتــرت بــقــوامــهــا وبــقـــدهـــا
سـحـرٌ تـحــدَّر مـــن جـبـيـن تـعـافـي
غسـلـت بـشـط فراتـهـا وجـهــا لـهــا
وتـظـلـلــت بـالـتـيــنِ والـصـفــصــافِ
وبنـهـر بـــردى أمـعـنـت فـــي نـزهــة
ســـوريِّــــة الــــمــــلاَّح والــمـــجـــدافِ
وتـطـلـعـت لـلـنــور يـغـمــر أرضــهــا
مــنــذ انــبــلاج مــشــارق الإرهــــافِ
فـهــي الجـمـيـلـة أيـنـعــت بـزهـورهــا
مــا واجـهـت جــدب الـثـرى بجـفـافِ
فمـنـابـت الأشـجــار يـنـبـت بالـحـيـا
يهمـي عليهـا مـن خــلال مصـافـي
فـــي خـضــرة الأوراق أفــنــان بــهــا
إسـعــافــنــا بـمــبــاهــج الإســــعــــافِ
ومــراتــع الـتــرحــال فـــــي أرجـائــهــا
يـسـري بـنــا فـــي سعـيـنـا الـطــوَّافِ
بدمشـق ( جِلَّـق ) كـم تناهـى ذكـرهـا
بـالـدهــر واســــأل غــوطــة بـعـفــافِ
تـحـوي البساتـيـن النضـيـرة حولـهـا
وتـبــث فـحــوى أنـسـهـا المـضـيـافِ
وتـنـيـر ذكــــرى مــــا تــقــادم جــهــرة
لـلـفـكـر فـيــهــا أوضـــــح الـكــشَّــافِ
فدمشـق تاريـخ الحـضـارة أضـرمـت
فـيـنـا اشـتـيـاق الـقـلـب والأعـطــافِ
نـهـفـو إلـيـهـا نسـتـريـح بحـضـنـهـا
ونــقــيـــم فــيــهـــا مــنـــتـــدى الآلافِ
هــبـــوا إلـيــهــا مـغـرمـيــن بـأهـلــهــا
أهـــل الـمـكـارم مـكـرمـي الأضـيــافِ
والـجـامـع الأمـــوي يــبــدو شـامـخــا
بـتـنــاســق الـــردهــــات والأكـــتــــافِ
إيـــهٍ .. إلـيـهـا الفـاتـحـون تـدفـقــوا
مــن كـــل صـــوب بـانـطـلاق وافـــي
فــي يــوم يـرمـوك المـفـاخـر كـبــروا
بـ ( النصر ) كانت جانب ( الأعرافِ )
و( أبــو عبـيـدة ) والجـنـود و( خـالـد )
كــانــوا رجــــال الــحــق والإنــصــافِ
وتقـهـقـر الـرومــان جـــروا خـزيـهــم
جـــــرا ونــالـــوا خـيــبــة الإضـــعـــافِ
واستشـرفـت سـورْيْـا الأبـيــة عـزهــا
مـــن نـــور ربـــك واهـــب الألـطــافِ
وتــبــوأت أعــلــى الـمـعـالـي قــدرهـــا
يـســمــو بـــــذروة قــمـــة الأشــــــرافِ
تـأبــى المـظـالـم كـلـهـا لا تـرتـضــي
ضيمـا لـهـا مــن عصـبـة الأجــلافِ
تمضـي تثـور علـى العتـاة بعزمهـا
مــــن قـلـبـهـا وبـمـجـمــل الأطـــــرافِ
تنـقـض كالشـهـب السريـعـة فـجــأة
نــحــو الــغــزاة بـصـعـقـة الإرجــــافِ
عـبــر الــزمــان رجـالـهــا ونـسـاؤهــا
فـخــر الـعـروبـة فــــي أتــــم تـعـافــي
واقــــــرأ تــواريــخــا لـــديـــك عـــديـــدة
عـنـهـم تـوافــي أحـســن الأصــــدافِ
كاللؤلـؤ المكـنـون فــي نـهـر جــرى
للـفـكـر يـهــدي سلسـبـيـل مـشـافــي
جــودي بوصـلـك يــا حبـيـبـة إنـنــي
أشـتــاق فــيــك رقــائــق اسـتـلـطـافِ
وأود حسـنـك هـــل أَبَـحْــتِ لـعـاشـقٍ
قبلـي هـواكِ المستكيـن الخـافـي ؟!
أنــا عــازف الألـحـان جـئـت مـغـردا
شــطــر الـجـمــال بـفـكــري الــوقَّــافِ
عــنـــد الـجــمــال مُــقَـــدِّرا أوصــافـــه
ومـعـبّــرا عــــن ومــضــهِ الـخَــطَّــافِ
أنــت الـعـروس تـعـطـرت بعـطـورهـا
بـالـجــيــد والأهـــــــداب بـــالإســــرافِ
بالـتـبـر تـلـبـس بـالـشـذا خلـخـالـهـا
تـخـتــار أجــمـــل لـمــســة لـخِــفــافِ
لــتـــدوس كــــــل مــكــابــر ومــعــانــد
ومــجــاهــر بــالــســوء والإجـــحـــافِ
فـــيـــهــــا مـــكـــامــــن قـــــــــــوة وإرادة
فـــي مسـتـطـاع الـفـعــل والإشــــرافِ
ولــهــا حــمــاةٌ مـخـلـصـون تـدفـقــوا
طــــول الــزمــان بـصـولــة لـخِـفــافِ
مــــا نــــال مـنـهــا مـعـتــدٍ أطـمـاعــه
أو قـــــام فـيــهــا هــانـــئ الأوقـــــافِ
يــرتــد بـالـخــذلان يــهـــوي حــاســـرا
يـلـقــى الــهـــوان بـخـيـبــة وكــفـــافِ
فهـم الأشـاوس أهـل سنـة ( أحـمـد )
طـــه ( مـحـمــد ) كــامــل الأوصــــافِ
لا يـأبـهــون بـغــاصــبٍ أو ســالـــبٍ
أو ضــــــارب بــمــعــاول الإتـــــــلافِ
مهـمـا تطـاولـت السـنـون وأمـعـنـت
زمــــر الــعــدو بــســـوءة الإســفـــافِ
هـــم أهـــل شـــام والـشــوام بحـكـمـة
وبضـاعـة مــن أجــود الأصـنــافِ !
وهـم الأبـاة الصـامـدون وخصمـهـم
يـحـيــا بـجـبــن الــمـــارق الــخـــوَّافِ
وهــم التـقـاة الـصـابـرون علـومـهـم
فــاضــت كـشـهــد عـبـقــري صــافــي
لازلــت أرجــو مــن لـدنـهـم نـهـضـة
بـكـيـاســة بـتـضـاعــف الأضـــعـــافِ
لتحـرر الـجـولان .. تـطـرد عصـبـة
تـحــيــا بـرجــفــة لــعــنــة لــضــعــافِ
وتــقــاوم الـطـغـيــان فـــــي بـهـتـانــه
ظـــــن الـمــكــانَ حــظــيــرة لـــخـــرافِ
أعـنــي الـعـروبـة أرضـهــا وديــارهــا
وانـســاب بـيــن الـلـحـم والأصـــوافِ
إنـــي لآمــــل فــــي الـعـروبــة ثــــورة
عظمـى تـقـض مضـاجـع الأحــلافِ
وتـكـون فــي صـفــو بألفـتـهـا كـمــا
كــانـــت وتـنــهــي نـكــبــة لـــخـــلافِ
وتـعــيــد جــولانـــا وقــدســـا مـثـلــمــا
كــانــا بـمــاضــي الــعـــز والإيـــــلافِ
ويـعــود زيـتــون الـطـهـارة صــادحــا
لـلـتـيـن فــــي عــصــر لــــه شــفَّــافِ
يا عرس شام والعروس هـي التـي
كـانـت لــديَّ بـألـطـف اسـتـظـرافِ !
حـتــمــا أحــبـــك والـشــواهــد كــلــهــا
تحكـي محـبـة مـغـرم بـ ( عـفـافِ ) !
فـعـروســنــا بــالــشـــام آن أوانـــهــــا
لـتـنــال فــرحـــة بـهــجــة بــزفـــافِ !