المقامة الفضائية البندرية
بقلم فائق موسى
المقامَةُ الفَضَائيَّة
حدثنا بندر بن سلطان قال : منذ زمان وأنا أحلم بمحاربة الطغيان . وهدر دماء الكفار من غير أهل الإيمان .. وقد جاءني الفرج , و سنحت لي فرصة من غير حرج . فصرت في أمريكا سفيرا ,وحزت محبة الغرب صغيرهم وكبيرا, ونلت رضا أمريكا وقادتها من اليهود أبناء العمومة , وصارت كلُّ شلتنا ملمومة . تدربت على يد السي آي ي , في حبك المؤامرات , وعلى يد الموساد في الاغتيالات والتفجيرات . وانتظرت الفرصة كي تسنح . والعمل العظيم الذي به أنجح .
ولما هزمت صديقتي إسرائيل في حرب تموز , وكان الوضع في المنطقة يجعل الماء يغلي في الكوز . قررت أن أنتقم لأصدقائي ’ وأردّ للمقاومة الصاع صاعين بغير عناء ,, رتبت المؤامرة وتنقلت بين العواصم والمدن من بيروت والقاهرة , وبمساعدة من أصدقائي عملاء إسرائيل من المأجورين من فلسطينيين وسوريين ولبنانيين ,, تسللت إلى دمشق , كما يتسلل الخمر من الزق , وكان صيدي ثمينا , فاغتلت المغنية بتفجير سيارته عن بعد , محققا ما كان يتمناه السنيورة وسعد , وكل وغد وابن وغد .. ولما حاصرتني المخابرات السورية , والقوا القبض عليّ متنكرا بثوب بدوية , وثبتت علي التهمة الموصوفة , وأيقنت أنّ روحي ستكون متلوفة , والمشنقة ستكون جزائي , ساوم عليّ أهلي وأقربائي . وأفرج عني الأسد مقابل أن يتوقف أصحابي عن اتهام سوريا باغتيال الحريري , وأعود سالما إلى نومي على سريري . لكنني لم أغفر لسوريا إهانتها لي في فرع المخابرات , وما لقيته من بهدلة وركلات بأحذية العساكر, والزنزانات . فقررت الانتقام لشرف العائلة السعودية . وخدمة أبناء عمومتي من الأمريكان والصهيونية بدأت اتصالاتي مع ما يسمى المعارضة السورية في الداخل والخارج , هؤلاء الذين ينتمون في عصرنا لتفكير الخوارج . ينادون بالحرية والديمقراطية , ويرتبطون بالغرب والحركة الماسونية , جمعهم الحقد الأعمى على الوطن السوري , وقادهم الفكر التكفيري العرعوري , وما أدراك ما العرعوري , نسبة إلى العرعور شيخ الفتنة واللواطة وشهادات الزور , ومنهم فداء السيد زعيم الحركة الأخونجية والخدام الذي لوّث بادية الشام بالنفايات النووية . واجتمع معهم حفنة من أصحاب القضايا الأخلاقية , من سرقات وتزوير شهادات وأوراق ثبوتيات كوحيد صقر وعمار القربي الناشطون الحقوقيون , وهم في حقيقتهم عملاء لبني صهيون , ومن البترودولار يقبضون , واجتمعت مصالحنا مع قطر بعد أن كانت علاقاتنا في أشد الخطر وصار حمد وموزة رمزا الحرية , وقائدين الثورات الديمقراطية في المنطقة العربية.
أعددنا العدة , على الرغم من طول المدة , ولما ذاعت الفورات العربية في تونس ومصر ومن ثم ليبيا , جاءتنا الفرصة السانحة , لنفجر المؤامرة في سوريا بصورة مفضوحة فاضحة . بدأنا بتنفيذ الخطة خطوة خطوة .. كتابات على جدران درعا , واتهام الأمن بتعذيب الأطفال , وإثارة فتنة طائفية بين السنة والعلوية . ولما حاول النظام السوري استيعاب الأزمة , وتلبية مطالب المتظاهرين , بوقف العمل بقانون الطوارئ ومحكمة أمن الدولة , انتقلنا إلى مرحلة ثانية من الجولة , حركنا الخلايا الساكنة من المسلحين , ليطلقوا النار ويقنصوا الأمن والمتظاهرين , واستخدمنا القنوات الفضائية المأجورة كالجزيرة الحقيرة والأورينت والبي بي سي عربي ’ لبث الدعاية والفتنة ودعوات الجهاد علي لسان القرضاوي والعرعور وغيرهم من كل متاجر بالدين موتور أو مأجور . وصار هؤلاء على الصفا والوصال التكفيرتين ضيوفا دائمين وحول الجرائم والفتاوى الفتانة كالذباب حائمين . كل أسبوع يخرجون باسم ليوم الجمعة , وعصاباتهم في الغرف السوداء مجتمعة , مرّة جمعة الحرية , ومرة جمعة الشهداء , ومرة الجمعة العظيمة , وغيرها وغيرها , حتى صار يوم الجمعة عند الناس بلا قدر ولا قيمة .. ولمّا اشتدت الأزمة استعنا بالقوى الغربية من أمريكية وبريطانية وفرنسية . حتّى يقدموا النصائح والوعيد والتهديد بالتدخل من القوى الدولية .. ودخل على الخط بان كيمون وصار يفتي بدل أحمد حسون ويعطي للرؤساء نصائح , ويحدد من الصالح من الطالح .. أما فرنسا وساركوزي فقد وجدوا في المؤامرة فرصة للعودة لزمن الاستعمار القديم وعهد المندوب السامي , ونسوا أن الدنيا تغيرت وصار من السهل كشف النصاب والحرامي , وما عاد تمر على الشعب السوري خدعة الحرية والديمقراطية والنظام الدستوري . نقلنا المؤامرة المسلحة من درعا لبانياس وكلنا أمل بأنه سيرتفع بين المعارضين المقياس , لكن الأمن السوري العفريت , كشفت اتصالاتنا مع قبرص جزيرة تكريت وحاصرنا بالحزم الألكترونية . حتى وقع أصحابنا في أفخاخ الجيش السوري الشيطانية . وقفش الأمن عدد كبير من المسلحين وفشلت خطة إمارة بانياس , لكن ما وقعنا بالياس ’ انتقلنا إلى حمص وتلكلخ وتلبيسة , وما استمتعنا غير بأكل الهريسة , لأن الجيش السوري حاصرنا من كل الجهات وما ترك للمجاهدين فرصة إلاّ للموت أو الاستسلام بالفرد أو بالجماعات .. حاولنا نحرك دمشق وحلب ’ لكن الأمر بالعكس انقلب , وأخيرا قررنا نعقد مؤتمر للمعارضة في انطليا التركية بس للأسف فشل المؤتمر وما طلعنا بأي اتفاق حول القضية الديمقراطية والثورة السورية . استخدمنا أحدث أجهزة الاتصالات والميديا في الغرف السوداء والفضائيات وشهود العيان وناشطي حقوق الإنسان , والفبركات. لكن حبل الكذب مهما طال قصير , وانسحبت من تحتنا السجادة وحتى الحصير .. ولما رأينا اللعبة قاربت على النهاية , ورجعنا بخفي حنين بعد كل الحكاية , حركنا الخلايا النائمة من تنظيماتنا المسلحة في جسر الشغور , فقاموا بقتل وتمثيل بناء على نصائح الشيخ عرعور , وهكذا سيطرنا على منطقة الجسر وما حولها ’ وكانت مجزرة لن ينسى الناس لمئات السنين هولها .. قتل على الهوية ومجازر ومقابر جماعية .. وتهجير الناس إلى الأراضي التركية ,, وفبركات إعلامية , وتصريحات صحفية وشهود عيان من منطقة الحدود , وأفلام ورسائل بلا حدود , وحاولنا نسيطر على المعرة ,, لكنا كانت فكرة معّرة .. وهنا قرر النظام السوري حسم الموضوع وإنهاء القضية فأدخل القوات البرية والجوية ,, دبابات وحوامات ,, ومدفعية صاروخية .. ولما رأى المسلحون أن القضية لم تعد بنغازي جديدة , وقد حميت عند الجيش الحديدة , وصار الضرب من كل حدب وصوب سلم بعضهم نفسه للجيش مستفيدا من فرصة الأمن والعيش ,, وهرب بعضم عبر الحدود مع تركيا ليسلم بجلده من نار الجيش الحامية .. ولا يزال الجيش السوري يواصل تمشيط المنطقة من المسلحين المجاهدين , ويلقي القبض على أخوتنا الأبرياء الآمنين وقد أخفى بعضهم سلاحه في الغابات وصار يمثل أنها حركة جهاد سلمية .. لكن الأمر كشف أمام عشرات الوسائل الإعلامية ,, فوقفت روسيا والصين في مجلس الأمن ضد مشاريع القرارات التي تدعو إلى إدانة النظام السوري على رده الشديد على الاحتجاجات , وهددت الدولتان باستخدام حق الفيتو ضد كل القرارات , وأخير رجعنا من هذه المغامرة مع النظام السوري بالخيبة والفشل , بعد أن اعتقل من اعتقل وقتل من جماعتنا من قتل ,, وصار بنا الأمر إلى قول الشاعر الطرنيبي :
لو اجتمعت شياطين السماء ومن عفريت كلّ ذوي عزائم
لتلقى جيش سوريا بحربٍ ليلحقها الخسائر والهزائم
ملحوظة : الخاتمة من توقعات العرّاف (سيريا فانوس) .. يحدثك عن مستقبلك من غير ما يأخذ فلوس.